The Story Circuit Header LogoThe Story Circuit
امرأة تجلس بمفردها في غرفة مضيئة بأشعة الشمس
عندما تتحول العزلة إلى درع: فهم التجنب العاطفي المتخفي في ثوب السلام

عندما تصبح عبارة 'احمِ سلامك الداخلي' نوعًا من الهروب العاطفي

الحقيقة غير المريحة خلف شعارات الرعاية الذاتية

عندما تتحوّل عبارة "أحمي سلامك الداخلي" إلى هروب عاطفي

في هذه الأيام، عبارة "أحمي سلامك الداخلي" موجودة في كل مكان في منشورات إنستغرام، ونصائح الانفصال، وحتى في محادثات التنمية الذاتية.

وفي كثير من الحالات، هذا المنهج منطقي.

ليس عليك الرد على كل رسالة، أو الدخول في كل نقاش. ليس كل خلاف يستحق طاقتك.

لكن في مكانٍ ما، حصل انحراف غير معلن عن المعنى الحقيقي:

تحوّلت عبارة “أحمي سلامك” إلى عذر لتجنّب كل ما هو غير مريح حتى لو كان ضروريًا لنموّك.

الواقع هو أن النمو لا يحدث في الراحة،

بل في قدرتك على مواجهة ما يزعجك دون أن تنهار.


الخرافة التي نؤمن بها: "حماية السلام = تجنّب كل إزعاج"

المجتمع الحديث يروّج لفكرة بسيطة جدًا:

إذا أزعجك أحد، ضغط على زر حساس داخلك، أو خالفك احذفه. احظره. أخرجه من حياتك.

صرنا نعتقد أن السلام يعني:

    • لا صراعات
    • لا نقاشات عميقة
    • لا مواجهات مؤلمة

لكن... ماذا لو كانت تلك "المواجهة" التي تهرب منها هي الشخص الوحيد الذي يحاول الوصول إليك بصدق؟

ماذا لو كان ذاك "الإزعاج" هو فرصة لتفهم نفسك بشكل أعمق؟

عندما تهرب من كل ما يزعجك، قد تهرب أيضًا من ما يمكن أن يحرّرك.


الحقيقة التي لا يقولها أحد

السلام الحقيقي لا يعني غياب الألم.

بل هو الحضور الكامل وسط الألم دون أن تهرب منه.

الهروب من المواجهة لا يجعلك ناضجًا عاطفيًا، بل يؤجل ما لا مفر منه.

وذلك "الهدوء" الذي تسعى إليه؟ قد يتحوّل إلى عزلة باردة.

لقد خلطنا بين الهدوء العاطفي وبين الاستقرار النفسي،

لكن في الواقع، هو في بعض الأحيان مجرد تخدير للمشاعر.


ما الذي يحدث فعلاً: لماذا نشعر أن الهروب أكثر أمانًا؟

ربما نشأتَ في بيئة كان السلام فيها يعني الصمت القسري.

أو ربما لم تختبر السلام أبدًا، فصنعت لنفسك فقاعة من "الهدوء المزيف".

واليوم، عندما يظهر أي شخص يريد محادثة عميقة، أو علاقة حقيقية، أو يطلب الصراحة تشعر بالخطر. ليس لأن الشخص سامّ، بل لأنك غير معتاد على البقاء في الموقف الصعب دون الهروب.

وسائل التواصل تزيد الطين بلّة:

تمجّد الحظر، والانسحاب، والاقتباسات التي تمجّد الانعزال وكأنها وعي.

لكن الحقيقة؟ النضج العاطفي لا يُقاس بمدى قدرتك على الهروب، بل بمدى قدرتك على البقاء في مكانك عندما تهتز الأرض من تحتك.


التحوّل في التفكير: الإزعاج ليس خطرًا، بل رسالة

إليك إعادة صياغة لفهم ما يحدث داخلك:

ما يزعجك ليس دائمًا تهديدًا أحيانًا يكون معلومة قيّمة عنك.

اسأل نفسك بصدق:

    • هل أنا أحمي سلامي فعلاً… أم أتهرب من مواجهة نفسي؟
    • هل هذا الحدّ الذي أضعه مبني على احترام الذات… أم خوف داخلي؟
    • ماذا يخبرني هذا الإزعاج عن نفسي؟

السلام الحقيقي لا يأتي من الانفصال عن الحياة،

بل من العيش فيها بوعي.


في الختام: مسؤولية، لا لوم

هذه ليست دعوة للوم نفسك على كل مرة انسحبت فيها.

في بعض الحالات، الانسحاب واجب وصحي.

لكنها دعوة للصدق.

إذا تحوّلت كل لحظة إزعاج إلى سبب للهروب…

فقد تجد نفسك وحيدًا، محاطًا بنفس الأنماط التي تحاول الهروب منها.

القوة الحقيقية لا تكمن في الصمت أو الانسحاب،

بل في الشجاعة أن تبقى، تصغي، وتشعر حتى عندما يهتز كل شيء داخلك.

لأن السلام لا يُبنى في الهروب،

بل يُصنع في الحضور.