
لماذا نخلط بين الدراما والحب؟
وكيف نتوقف عن اختيار العلاقات المرهقة على أنها حب
حين تتحوّل “الرومانسية المجنونة” إلى فوضى مرهقة
تقول لنفسك:
"هذا شغف. حب ناري. علاقة لا تُنسى."
لكن في داخلك؟
أنت مُستنزَف.
يوم يُظهِر اهتمامًا مفرطًا، واليوم التالي يختفي بلا أثر.
تخاصم، ثم عتاب، ثم لهفة، ثم صمت، ثم شجار، ثم تصالح.
تكرار دائم، يصيبك بالإدمان… ويكسرك.
وعندما تقابل شخصًا هادئًا، واضحًا، عطوفًا؟
تشعر بالفراغ. بالملل. وكأن شيئًا ما “ناقص”.
إذا كان هذا مألوفًا لك، فاعلم:
أنت لست تالفًا.
لكن من المحتمل أنك تخلط بين الحب الحقيقي والدراما العاطفية.
والأسوأ؟ أن هذا النمط صعب الكسر… لأنه يُشعرك أنه “حب حقيقي”. وهو ليس كذلك.
💣الأسطورة: “إذا لم يكن الحب ناريًا، فهو ليس حقيقيًا”
منذ الصغر، والإعلام يعلّمنا أن الحب يجب أن يكون مثل الزلازل والعواصف.
الصعود والهبوط؟ = شغف
الغيرة، الاختفاء، التصرفات الغامضة؟ = كيمياء
الدموع والتصالح المتكرر؟ = “حب عميق”
فنبدأ نرى أن الهدوء = ملل
وأن التوتر والارتباك = حب
لكن الحقيقة مختلفة تمامًا:
إذا كانت علاقتك العاطفية تُشعرك بأنك في حالة “نجاة” دائمة، فهي ليست حبًا… بل تكرارًا لجرح قديم.
🔍السبب الحقيقي: لماذا ندمن العلاقات الفوضوية؟
الأمر ليس أنك “تحب الدراما” أو أنك “سيء في الحب”.
بل إن جسدك ونفسك تعوّدا على شكل معين من العلاقات حتى لو كان مؤذيًا.
1. نشأت على حب غير مستقر
إذا كان الحب في طفولتك مشروطًا، متقلبًا، أو صعب المنال فقد برمجت داخلك على أن:
الحب = قلق + ترقب + مكافأة عابرة
لذا، حين يأتيك حب حقيقي، ثابت، ومباشر؟
يقول لك عقلك الباطن:
"هذا ليس طبيعيًا. الحب لا يكون بهذه السهولة!"
2. الكورتيزول = شعور زائف بالحب
العلاقات التي تحتوي على توتر دائم تفعّل هرمونات التوتر (الكورتيزول والأدرينالين) مما يجعلك تشعر بالإثارة والانجذاب.
لكنك لا تشعر بالحب… بل تشعر باندفاع كيميائي يشبه الإدمان.
3. اعتقاد داخلي: "لا أستحق الحب إلا إذا تعذبت من أجله"
إذا كنت تشعر دون وعي أنك تحتاج لإثبات استحقاقك للحب،
فحين يأتيك شخص يمنحك حبًا نقيًا وبسيطًا؟
قد تشعر بالريبة، أو حتى تقوم بإفساد العلاقة ذاتيًا.
🛠كيف تتوقف عن الخلط بين الدراما والحب؟
هذا ليس درسًا في العلاقات، بل إعادة تعريف للحب.
حيث يكون الهدوء هو الأمان، وليس الملل.
وحيث لا تعني الغيرة والخوف أن الحب حقيقي.
1. ابقَ في الهدوء… حتى لو كان صعبًا
عندما تتعامل مع شخص متزن، حقيقي، ومتوفّر عاطفيًا، قد لا تشعر بالإثارة.
قد تشعر أن “الشرارة” مفقودة.
لكن هذا ليس برودًا بل هو انسحاب جسدك من إدمان التوتر.
جرّب هذا:
ابقَ قليلاً. تنفّس.
واسأل نفسك: ماذا لو كان هذا هو الحب الحقيقي… لكنني فقط لم أتعوّد عليه بعد؟
2. لا تساوي "الاندفاع" بـ "الكيمياء"
حين يختفي أحدهم لأيام، ثم يرسل فجأة “أفتقدك”، تذكر:
هل تشعر بالأمان؟
أم أنك فقط مدمن على اللعبة؟
الحقيقة؟
ليس “غامضًا”. بل غير ناضج عاطفيًا.
وما تراه “شرارة”، هو فقط جرحك القديم ينشط من جديد.
3. أعد تعريف "الانجذاب"
ابدأ برؤية الجاذبية في الوضوح، وليس في الفوضى.
الحب الحقيقي:
- واضح
- منتظم
- آمن
- بسيط (وليس ممل)
اختر من يجعلك تسترخي، لا من يُتعبك نفسيًا.
4. اشفِ الجذور، لا فقط التصرفات
هذا النمط لا يتعلق فقط باختيار الشريك.
بل بالقصص التي تؤمن بها عن الحب.
أسئلة تستحق التأمل:
- كيف كان شكل الحب في طفولتي؟
- هل تعلّمت أن الحب يجب أن يكون مؤلمًا؟
- لماذا يخيفني الاستقرار العاطفي؟
العلاج أو الكتابة التأملية قد تكشف لك الكثير.
5. اختر الطمأنينة… حتى لو قاوم جسدك
قد تلاحظ نفسك تدفع الآخر بعيدًا، تختبره، أو تفتعل مشكلة.
هذه ليست حقيقتك.
بل طريقة جسدك القديمة في "البقاء".
ذكّر نفسك:
الهدوء ليس مملًا.
الاستقرار ليس ضعفًا.
والحب… لا يجب أن يكون معركة.
✨لست مذنبًا. لكنك مسؤول.
إذا اعتدت الخلط بين الدراما والحب، فلا عيب فيك.
أنت ببساطة تتفاعل مع ما اعتدت عليه في ماضيك.
لكن الآن؟
الاختيار بيدك.
اختر السلام.
اختر علاقة تجعلك تشعر بالسكينة، لا بالتوتر.
اختر من يحبك بوضوح… لا من يُربكك ثم يقول “أنا آسف”.
لأن الحب الحقيقي؟
لا يُطفئك.
بل يُنيرك.