الثقافة الشعبية ليست ترفيهاً فقط-إنها مرآتنا العاطفية
المسلسلات التي نتابعها، والميمز التي نشاركها، والفنانين الذين نحبهم تعكس تحولنا الداخلي
I. عندما توقفت عن السخرية من الثقافة الشعبية
لسنوات، كنت أعتبر الثقافة الشعبية سطحية.
شيء تافه نستهلكه لننسى الواقع.
شيء نمرّ عليه في الهاتف دون تفكير.
شيء لا يحبه من يظنون أنفسهم “عميقين”.
ثم في أحد الأيام، بكيت.
ليس على فشل علاقة.
ولا على موقف محزن في حياتي.
بل بكيت عند نهاية موسم لمسلسل درامي على نتفلكس.
حينها أدركت...
ربما الثقافة الشعبية ليست مجرد مضيعة وقت.
ربما، هي الطريقة الوحيدة التي نحاول بها فهم أنفسنا في زمن مزدحم بالمشتتات.
II. ليست مجرد ترندات - بل خريطة لمشاعرنا الجمعية
الثقافة الشعبية هي البوصلة التي تشير إلى ما نشعر به ولكن لا نجرؤ على قوله.
عندما نشاهد قصصاً عن الحزن والفقد، فربما ذلك لأننا لا نعرف كيف نعبر عن حزننا.
عندما تنتشر الميمات عن الإرهاق والعزلة، فليس لأننا نضحك... بل لأننا نرتاح حين نراها.
عندما نحب شخصيات خيالية تمنحنا الحنان، فربما لأننا نفتقده في واقعنا.
III. المشهد الذي هزّني من الداخل
في أحد حلقات مسلسل BoJack Horseman، يقول البطل:
“لا أعرف كيف أكون إنسانًا بعد الآن.”
تجمدت.
لأنني شعرت أن هذه العبارة خرجت مني...
كما لو أنني كنت أنتظر شخصًا آخر لينطقها عني.
هذا المشهد لم يكن مجرد رسم متحرك.
كان لحظة اعتراف وجداني.
كان ما لم أستطع التعبير عنه أمام أي شخص آخر.
IV. الذكاء العاطفي في قلب الترفيه
من قال إن الذكاء العاطفي موجود فقط في جلسات العلاج النفسي أو كتب التنمية الذاتية؟
في أحيان كثيرة، ما علمتني إياه أغنية أو مسلسل
كان أعمق من عشرات الصفحات التي قرأتها في كتب المساعدة الذاتية.
تلك الدمعة التي سالت عندما غادر بطل القصة فجأة.
تلك الغصة التي شعرت بها وأنا أسمع كلمات أغنية وصفت وحدتي تمامًا.
ذلك الأمان الغريب الذي شعرت به وأنا أرى شخصية تعاني مثلي تمامًا.
هذه كلها ليست صدفة.
إنها تربية عاطفية غير مباشرة.
V. لماذا نثق بالخيال أكثر من الواقع أحيانًا؟
هل لاحظت أنه من الأسهل أن تقول:
“شفت الحلقة الأخيرة؟” بدلًا من:
“أنا حاسس بالوحدة هالأيام.”
الفن يعطينا مسافة آمنة.
يبعدنا عن الألم، لكنه لا ينكر وجوده.
وكأنه يقول: “أنا معك... من بعيد.”
VI. ما نحتفل به، نتحوّل إليه
نحن نستهلك الإعلام... لكن ما نستهلكه يُعيد تشكيلنا أيضًا.
عندما تحتفي الأعمال الدرامية بضعف الرجال، تبدأ المجتمعات بإعادة النظر في تعريف الرجولة.
عندما تمزج أغاني البوب بين الحب والقلق والهوية، يجد المراهقون صوتًا لم يكونوا يعرفونه داخلهم.
عندما تغزو الأعمال الكورية عوالمنا، لا نتعلّم فقط لغتهم بل أيضًا نظرتهم المختلفة للعلاقات والمجتمع.
نحن لا نستهلك الفن فقط. نحن نتشكّل به.
VII. هل الترفيه هو العلاج العاطفي الجديد؟
منصة مثل Netflix قد تمنحك الراحة أكثر من شخص مقرّب لا يفهمك.
مسلسل This Is Us جعلني أتقبل الحزن بأنه لا يرحل بل يتغير.
أغاني Mitski علّمتني أن أكون غريبًا ولا أزال محبوبًا.
فيلم Everything Everywhere All At Once ساعدني على رؤية أمي بعين مختلفة.
هذه ليست لحظات ترفيهية فقط.
هذه نقاط تحوّل في رحلة الشفاء الداخلي.
VIII. لكن انتبه… ما نشاهده قد يُغرقنا أيضًا
الثقافة الشعبية ليست علاجًا سحريًا.
أحيانًا:
تهرب بنا من مشاعر يجب أن نواجهها
تغرينا بمقارنات غير واقعية
تشوش قدرتنا على التقدير الذاتي
سألت نفسي كثيرًا:
“هل أشاهد هذا لأنني أريد أن أشعر أكثر؟ أم لأهرب من الشعور؟”
السؤال يبدو بسيطًا... لكن جوابه كشف الكثير.
IX. ما تحفظه في هاتفك يكشف قلبك
لا أحتاج أن أعرفك شخصيًا لأفهمك قليلاً.
أرني فقط:
أكثر ميم يضحكك
أغنية تكررها دون توقف
شخصية خيالية تتمنى لو كانت صديقك
هذه ليست صدفة.
هي بصمات مشاعرك.
ما نحتفظ به في قائمة “المفضلة” هو غالبًا ما نخجل من قوله بصوت عالٍ.
X. قائمة أغنياتي الداخلية: كيف كبرت من خلال الفن
خلال سنوات، ساعدتني الثقافة الشعبية على النمو:
The Perks of Being a Wallflower جعلني أتوقف عن الهروب من الألم
Mitski سمحت لي أن أكون “غير مثالي”
BoJack Horseman علّمني أن أشارك مشاعري بدلًا من كتمانها
Everything Everywhere All At Once كشف لي المعنى الخفي لعلاقة الأم والابن
ليست هذه مجرد أعمال فنية.
إنها محطات شفاء.
XI. أسئلة للتفكر - وليس فقط للقراءة
ما العمل الفني الذي ساعدك على تجاوز مرحلة صعبة؟
هل بكيت يومًا على مشهد خيالي أكثر من بكائك على موقف واقعي؟
ما الأغنية التي تعتقد أنها فهمتك دون أن تشرح شيئًا؟
خذ لحظة.
دوّن إجاباتك، أو فقط فكّر بها.
لأنها ستقودك إلى حيث أنت حقًا.
XII. الخلاصة؟ الفن ليس مجرد وقت فراغ، بل لغة عاطفية جديدة
في هذا العالم السريع، نحتاج إلى ما يُبطئنا قليلًا.
ما يُجبرنا على النظر إلى أنفسنا، لا من خلال المرآة، بل من خلال الشاشة.
من خلال قصة شخص آخر،
أحيانًا نجد حكايتنا الضائعة.
لذا، أشاهد الآن بعين أهدأ.
وأشارك بوعي أكبر.
وأتأمل كل لحظة، لأنها قد تكون أكثر من مجرد “مشهد جميل”.
الثقافة الشعبية ليست ترفًا.
إنها لغة البوح الجديدة.
وفي زمن أصبح فيه الشعور مخاطرة، أن تشعر هو أعظم شجاعة.
مقالات ذات صلة يمكنك قراءتها: