
لماذا السعي وراء الانتشار الفيروسي يقتل صوتك الحقيقي
كلما كتبت لإرضاء الآخرين، ابتعدت أكثر عن نفسك.
أنت لا تحتاج إلى مزيد من المتابعين بل تحتاج إلى مزيد من الصدق.
لقد استغرقت وقتًا طويلًا لأدرك ذلك.
لعدة أشهر بل سنوات كنت مهووسًا بأداء كتاباتي.
أراجع عدد المشاهدات باستمرار، أعدّل العناوين لتكون “قابلة للنقر”، أعيد صياغة المقدمة لتجذب القارئ خلال أول ثلاث ثوانٍ.
لم أكن أكتب.
كنت أؤدي.
وكنت أتوسل، ولو بصمت، أن يلاحظني الخوارزم.
وأحيانًا، كان هذا الأسلوب ينجح.
بعض الإعجابات. تعليقات. زيادة طفيفة في عدد المتابعين.
ولكن في كل مرة، كنت أشعر بالفراغ أكثر.
لأن مع كل منشور “ناجح”، كان صوتي الحقيقي يخفت أكثر.
القسم الأول: المشكلة نكتب للفوز، لا لنقول شيئًا
لنكن صريحين نحن لا نبدأ الكتابة من أجل التريند.
نبدأ لأن لدينا شيئًا نحمله في داخلنا.
فكرة. شعور. تجربة لا نستطيع كتمها أكثر.
لكن في الطريق، تُسرق منا هذه الشعلة.
ونبدأ بطرح أسئلة مختلفة:
- “ما الذي يتصدر حالياً؟”
- “هل هذا المنشور سيحقق انتشاراً؟”
- “هل المقدمة كافية لجذب الانتباه؟”
وننسى السؤال الأهم:
“ماذا أريد أن أقول حقًا؟”
فنستبدل صوتنا بما هو “فعّال”.
نخاف من القصص الحقيقية.
فنكتب آمنين، منمقين، قابلين للمشاركة… وخالين من الصدق.
حتى يصبح الكتابة مجرد عرض، لا تعبير.
القسم الثاني: العقلية خلفها الخوف ببدلة عصرية
فلماذا نفعل ذلك؟
لأننا خائفون.
نخاف ألا يُقرأ ما نكتبه.
نخاف أن تكون حكايتنا “عادية”.
نخاف من أن نكشف شيئًا حقيقيًا… ولا نجد من يهتم.
فنلجأ للأسهل:
نقلّد.
نتّبع القواعد.
نكتب مثل الآخرين.
وحين يحدث الانتشار أحيانًا، نشعر بالفرح… للحظة.
لكن الحقيقة؟
حتى مع النجاح، لا نشعر أننا مرئيون.
لأن ما أحبّه الناس، لم يكن نحن حقًا.
القسم الثالث: الحقيقة المؤلمة صوتك ليس ضعيفًا. أنت فقط من كتمه.
لقد أدركت هذا متأخرًا:
ليست كتاباتي ضعيفة، بل خوفي هو من جعلها كذلك.
كنت أعتقد أن الصراحة تضعفني.
أن ما أشعر به لا يهم.
أنني يجب أن أكتب فقط ما يريد الناس سماعه.
ولكن أكثر النصوص التي أفتخر بها اليوم، لم تكن تلك التي انتشرت.
بل كانت التي ترددت كثيرًا قبل أن أنشرها.
التي جعلتني أشعر بالخوف.
والتي شعرت أنها “قوية جدًا” على العالم الخارجي.
والمفاجأة؟
هي التي أثرت فعلاً في الناس.
القسم الرابع: ماذا تفعل بدلًا من ذلك استرجع صوتك الحقيقي
إذا وجدت نفسك في هذه الكلمات، فاعلم أن صوتك لا يزال حيًا بداخلك.
وها هي بعض الطرق التي ساعدتني للعودة إلى نفسي في الكتابة:
1. اكتب لنفسك أولًا.
افتح ملفًا فارغًا. لا عنوان. لا تنسيق. فقط اكتب ما بداخلك كما هو. دون تفكير في القارئ.
2. اتبع ما يشعل قلبك، لا ما يجلب الإعجابات.
إذا وجدت فكرة تلامسك بصدق حتى لو كانت غريبة عن “المعتاد” اكتبها. الصدق دائمًا يربح.
3. انشر قبل أن يخيفك التردد.
لا تعِد صياغة مشاعرك ألف مرة. لا تنتظر اللحظة المثالية. انشرها بينما لا تزال تشعر بها.
4. ابحث عن الاتصال، لا الانفجار.
رسالة واحدة صادقة من شخص شعر بما كتبته… تساوي أكثر من ألف تفاعل صامت.
5. خذ استراحة من المنصات.
الخوارزميات تهمس لك حتى تنسى صوتك.
ابتعد قليلًا. اكتب في دفتر. في المسودات. في الظل.
وهناك… ستجد صوتك من جديد.
الخاتمة: حقيقة واحدة احملها معك دائمًا
لست بحاجة للانتشار لتُسمع بل فقط لأن تكون صادقًا.
في المرة القادمة التي تمسك فيها القلم أو لوحة المفاتيح، لا تسأل:
“هل سيعجب هذا الناس؟”
بل اسأل:
“ما الذي أريد قوله حقًا؟”
ثم قلّه.
العالم لا يحتاج منشورات أكثر.
بل يحتاج مزيدًا من الشجاعة.
وأنت؟
أنت جاهز الآن.